کد مطلب:352788 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:271

اسطورة عبدالله بن سبأ
وموجز هذه الأسطورة: " أن هذا الشخص اسمه عبد الله بن سبأ وهو یهودی من الیمن، أظهر إسلامه فی عصر عثمان لیكید بالمسلمین، فتنقل فی الحواضر الإسلامیة مصر، والشام، والبصرة، والكوفة مبشرا برجعة النبی (ص)، وأن علیا هو وصیه، وأن عثمان غاصب حق هذا الوصی، فمال إلیه وتبعه جماعات من كبار الصحابة والتابعین من أمثال عمار بن یاسر وأبی ذر ومحمد بن أبی حذیفة، وغیرهم، واستطاع أن یجیش الجیوش لقتل الخلیفة عثمان حق تتلوه فی داره - وهكذا تسلسل حوادث هذه الأسطورة الموضوعة حق تنتهی بحرب الجمل حیث یأمر عبد الله بن سبأ أتباعه بالاندساس فی جیش علی وعائشة دون علمهما، فیثیروا الحرب، وهكذا وقعت معركة الجمل " [1] .

وكما ذكر العلامة السید مرتضی العسكری [2] والذی تصدی لكشف زیف هذه الأسطورة الخرافیة: (إن واضعها هو سیف بن عمرو التمیمی البرجمی الكوفی المتوفی سنة 170 ه‍، ومنه أخذ جمیع المؤرخین، ثم



[ صفحه 68]



اشتهرت القصة وانتشرت فی كتب التاریخ مدی القرون حق یومنا هذا، حتی أصبحت من الحوادث الشهیرة التی لا یتطرق إلیها الشك، وقد فات المعظم من الكتاب والمؤرخین الشرقیین والمستشرقین أن هذه الأسطورة وضعها راو واحد فرد لا شریك له، وأن الراوی هذا - سیف بن عمرو - مشهور عند القدامی من علماء الحدیث بالوضع ومتهم بالزندقة، حیث قال فیه أبو داود: " لیس بشئ، كذاب "، وقال ابن عبد البر: " سیف متروك وإنما ذكرنا حدیثه للمعرفة "، وقال فیه النسائی: " ضعیف متروك الحدیث لیس بثقة ولا مأمون ". وقد أخذ عن هذا الراوی الطبری وابن عساكر وابن أبی بكر ومنال طبری أخذ سائر الكتاب والمؤرخون إلی یومنا هذا) [3] .

ومن المعروف أن روایات الآحاد لا تفید إلا الظن العلمی، ولا تفید یقینا، فما بالك إذا كان هذا الراوی غیر ثقة وقد اشتهر بكذبه وزندقته، فهل تقبل روایته؟ وكیف یقبل أن یحكم علی طائفة كبری من المسلمین بالاعتماد علی روایات آحاد ثبت كذب أصحابها، ویهمل ما تواتر عن رسول الله (ص) من أحادیث تثبت عكس ذلك؟ وإنه لمن أكبر مهازل التاریخ أن ینسب التشیع إلی رجل أسطوری - عبد الله بن سبأ - زاعمین نشره لفكرة " علی الوصی " بالرغم من وجود ذلك الكم الهائل من النصوص الصحیحة التی تثبت بأن التشیع لم یكن إلا محمدیا لا غیر وراجع نصوص الإمامة فی الصفحات السابقة لتری أین محل " عبد الله بن سبأ " فیها من الإعراب. أعبد الله بن سبأ القائل: " إنی تارك فیكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتی أهل بیتی "؟، أهو القائل: " من كنت مولاه فعلی مولاه "؟ أهو القائل باستخلاف الأئمة الاثنی عشر؟ وأی مهزلة هذه تقول بأن رجلا یهودیة یأتی من الیمن ویعلن إسلامه



[ صفحه 69]



نفاقا، ثم یعمل كل تلك الأعمال الخارقة والتی تصل لحد تسییره لجیوش المسلمین ضد بعضها البعض دون علم أحد فیه؟ وهل من المعقول أن یقع الإمام علی علیه السلام الذی قال فیه الرسول صلی الله علیه وآله: " أنا مدینة الحكمة وعلی بابها " ضحیة لخدعة هذا الیهودی؟ لا شك أن من یقول بذلك قد ضل ضلالا بعیدا.


[1] أحاديث أم المؤمنين للعلامة العسكري ص 272.

[2] وقد نفي أيضا وجود هذه الشخصية عدد من العلماء المحققين مثل الدكتور طه حسين في كتابه الفتنة الكبري / ج 1، والدكتور كامل مصطفي الشيبي في كتابه الصلة بين التشيع والتصوف / ج 1.

[3] بتصرف عن كتاب عبد الله بن سبأ للعلامة السيد مرتضي العسكري.